• Facebook
  • Twitter
الأربعاء, 08 حزيران/يونيو 2016 05:41

معلّقو كرة القدم وكأس أوروبا: "أولالاه" و"يا ربّاه"

Written by 
Rate this item
(0 votes)

في فيديو بعنوان "الأسطورة زين الدين زيدان، بتعليق عصام الشوالي"، حصل على أكثر من مليون ومئة ألف مشاهدة على "يوتيوب"، نرى لقطات مختلفة للفرنسي زيدان مولّفة مع مقطعٍ صوتي للمعلّق التونسي عصام الشوالي من مباراة فرنسا ضد إيطاليا في نهائي كأس العالم 2006. يقول الشوالي في نهاية الفيديو: "حتى الطليان صفقوا، حتّى الألمان تفاعلوا، والفرنسيين تفاءلوا: عودة زيدان. فرنسا لا تساوي شيء بدون زيزو".

في فيديو آخر لمباراة بين "أرسنال" و "نيوكاسل" في الدوري الانكليزي الممتاز، يسجّل لاعب أرسنال، الذي يحمل الرقم 14، ثيو والكوت هدفاً، ليصرخ المعلق فهد العتيبي: "السر في الرقم 14، وليس في والكوت". أما عندما سجّل الهولندي روبين فان بيرسي هدف التعادل لمنتخبه أمام أسبانيا في النسخة الأخيرة من المونديال، قال الشوالي: "هولندا تتعادل عن طريق القناص، عن طريق شوية من فان باستن، شوية من فان هويدونك، شوية من باتريك كلويفرت...".

تنقل هذه العبارات المختلفة عملية التعليق على مباراة كرة قدم من الاكتفاء بنقل الصورة إلى مستوى آخر. ففيما يجعل كلام الشوالي من زيدان بطلاً أسطورياً فيه "حياة الأمّة ومماتها" (دون نسيان التفسير السياسي الممكن للعبارة)، يُحيل فهد العتيبي تسجيل ثيو والكوت لهدف "ملعوب" إلى القميص رقم 14، الذي كان يحمله قبل والكوت المهاجم الفرنسي تييري هنري، الهداف التاريخي لـ "آرسنال"، في الوقت الذي يحمل كلام الشوالي عن فان بيرسي إشارةً إلى كون المهاجم وريثاً لصفوة مهاجمي المنتخب الهولندي في العقود الأخيرة، ويمثل استمراريةً لهم.
يحوي "يوتيوب" على العديد من الفيديوهات الخاصة بالمعلقين، "جنون المعلقين"، "أجمل ما قاله المعلقين"، "إبداع فارس عوض"، "روعة رؤوف خليف"، "متعة يوسف سيف"، إلخ... إذ تحوّل المعلقون في العالم العربي إلى نجوم، تشبه علاقاتهم بمعجبيهم علاقة المغنين بعشاقهم. يملك كلّ واحدٍ منهم فئةً خاصةً من المشجعين. وكما في عالم الغناء أيضاً، حيث تسود لهجة معيّنة على بقية اللهجات بين فترةٍ وأخرى، تسود حالياً اللهجة الخليجية على ما عداها من اللهجات، بعد أن سبقتها اللهجة التونسية التي سرقت الأضواء من المعلقين المصريين الذين سيطروا طويلاً على الميكروفون.
نجح المعلّقون العرب إلى حدٍ ما في إنشاء أسلوبهم الخاص، المختلف عن المعلّقين الإنكليز أو الفرنسيين أو اللاتينيين. إذ تمكّنوا من تحويل عملهم إلى ما يشبه نوعاً من فنٍّ أدائي، أو إلى ما يمكن اعتباره تطويراً لمهنة الحكواتي. إذ يمكن للمعلق أن يتكلم بلسان اللاعب، أو أن يخاطبه، أو حتّى أن يعطيه التوجيهات كما لو أنّه المدرب. هذا عدا عن الاستخدام الكثيف للأساليب البلاغية كالسجع والتشبيه والجناس، وصولاً إلى الشعر العمودي أحياناً. إضافةً إلى الإحالات الكثيرة التي قد لا تكون مفهومة بالنسبة لمن لا يتابعون كرة القدم.
هذه محاولة للبحث عن أشكال التعبير في كلام عددٍ من المعلّقين، أثناء نقلهم لمباريات مختلفة في النسختين الأخيرتين من "كأس الأمم الأوروبية".
الله حاضر في المباراة
لعلّ صرخة المعلّق الإماراتي فارس عوض "يا ربّاه" عند تسجيل هدف، أشهر استحضارٍ للّه في مباريات كرة القدم، مع تصريح مارادونا بعد هدفه باليد في مرمى إنكلترا في مونديال 1986 بأنّ "50 في المئة من الهدف بفضل لمسة رأسي، والباقي بفضل يد الله".

"يا ربّاه" ماركة مسجّلة لفارس عوض، فهو وحده من يردّدها، لكن يوجد العديد من المعلقين الذي يلجأون إلى الله أيضاً، عند رؤيتهم لهدفٍ "إبداعي". أكثر من يذكر الله في هذه الحالات همّا المعلقان القطري يوسف سيف والإماراتي علي سعيد الكعبي. وهما عند ذلك يبدوان كما لو أنّهما في حالة من النشوة، إذ يكرّران ذكر الله مرات عدّة، ممّا يذكّر بعبارة "الله يا ست"، التي تخرج من أفواه المعجبين في تسجيلات حفلات أم كلثوم، أو "الله يا شيخ" في تسجيلات قرآنية للشيخ محمد عمران أو الشيخ مصطفى إسماعيل. بقدر ما يصير استحضار الله عند سيف أو الكعبي تعبيراً عن طربهم بالهدف، بقدر ما يكون استنجاداً بالله كقوةٍ عليا تفوق البشر معرفة وإلماماً. يستحضرون الله لعجزهم عن استيعاب هذا الجمال الهائل، الله بالنسبة لهم هو "الجمال الأعظم".

عبد الحليم متواجدٌ أيضاً
في مباراة كرواتيا وتركيا في ربع نهائي كأس الأمم الأوروبية في العام 2008، نجح إيفان كلاسنيتش بتسجيل هدف التقدّم لكرواتيا في الدقيقة 119، في الأشواط الإضافية، لكن وفي الدقيقة 120، وقبل أن يطلق الحكم صافرة النهاية، نجح التركي سميح شنتورك بتسجيل هدف التعادل لتركيا، ليحتكم الفريقان لضربات الترجيح التي أهّلت تركيا. المعلق المصري أحمد الطيب، الذي اشتهر بعبارة "الله عليك تسلم رجليك"، لم يتمالك نفسه مع الهدف التركي ليقول: "تيك إت إيزي، تيك إت إيزي، عاد الأتراك يا عزيزي (...) كنتِ فين؟ جتلي منين؟ والدفاع كان غايب عنك فين؟".

يقتبس الطيب أغنية عبد الحليم حافظ، مستبدلاً قوله: "الأيام دي كانت غايبة عني فين" بعبارة "الدفاع كان غايب عنّك فين".
ليس الطيب وحده من يلجأ للاقتباس، فارس عوض في مباراة في الدوري الإنكليزي الممتاز اقتبس من شارة برنامجٍ للأطفال هي "مغامرات أبو الحروف" بالقول: "أقوى من الشَدّة، أطول من المَدّة، أحدّ من السين، أهدأ من السكون، إنّه أبو الأرقام وملك النقاط وكاتب الحروف".

المتكلم والمخاطَب
في الدقيقة 79 من مباراة البرتغال وتشيكيا في "يورو 2012"، نجح البرتغالي كريستيانو رونالدو في تسجيل هدفٍ لمنتخب بلاده، ليصرخ عصام الشوالي: "ألستُ الملك؟ ألستُ ابن الملوك؟ ألستُ من الملوك؟ أنا رونالدو البورتوغِز (البرتغال)". ليضيف بعدها: "كلمهم يا رونالدو، علّمهم يا كريستيانو، وقل لهم مَن تكون يا رونالدو".

يتحوّل الشوالي هنا إلى مؤدٍّ على خشبة المسرح. فيما نحن نتفرج على كريستيانو رونالدو يركض سعيداً بالهدف، يبدأ المعلّق بالكلام بلسان حال اللاعب، قبل أن ينتقل لمخاطبته بصيغة الأمر: "كلّمهم، علّمهم، وقل لهم...". يبدو المعلق هنا في حالة تماهٍ تامةٍ مع اللاعب، الانتقادات الموجّهة لرونالدو موجّهة إليه هو شخصياً، وبالتالي يصير الردّ عليها من مسؤوليته. يجيد الشوالي الـ "وان مان شو"، هو المتكلم والمخاطِب في الآن نفسه. رغم ذلك فهو لا يتوقّف هنا، إذ يقوم بـ "هجوم مضاد"، فيقول: "أتشكّكون؟ أتنتقدون؟ لماذا أنتم عنه (المقصود عليه) حاقدون وله كارهون؟".
يبرع الشوالي وزميله، التونسي الآخر، رؤوف خليف في ابتكار جملٍ مسجّعة (رديئة)، قائمةٍ على انتقاءٍ عشوائيٍ وآنيٍ لكلمات، يؤدّي جمعها سوياً لإنشاء جملةٍ ذات وقعٍ موسيقي أو مقفّى، تعلق في أذهان المستمعين. يقول رؤوف خليف في المباراة النهائية للنسخة الأخيرة من البطولة بين أسبانيا وإيطاليا: "هذه أجمل كورة في المعمورة (...) سيلفا يا موهوب يا آسر القلوب، وسيسك فابريغاس يا ابن الناس..."، فيما يقول الشوالي: "الطليان قد يدمعون لأنّهم للكأس مغادرون".

ليس الشوالي وحده مَن يخاطب اللاعبين. يقول يوسف سيف مخاطباً الهولندي ويسلي شنايدر بعد تسجيله لهدفٍ في سقف مرمى المنتخب الفرنسي في "يورو 2008": "يابا علقها يابا، يابا علقها يابا"، فيما يقول فارس عوض لفان بيرسي عند تسجيله للهدف: "لقد أتيت بما لم تستطعه الأوائل"، مقتبساً أبو العلاء المعرّي. يخاطب المعلّقون اللاعب بلغتهم الخاصة مستندين على لهجاتهم المحلية أو على تراثهم الأدبي. أما في حالات أخرى فيخاطب المعلّقون اللاعب بلغته الأسبانية أو الفرنسية أو الإنكليزية.

ينقسم مشجّعو كرة القدم في العالم العربي، بين إعجابٍ شديد بالمعلقين الموجودين وطرق تعبيرهم وكلامهم، وبين كرهٍ تامٍ لهم ولكل ما يرتبط بهم، إلى درجةٍ قد يفضّل فيها البعض متابعة المباراة مع كتم الصوت. لكن، وفي كلّ الأحوال، تبقى المادة الصوتية التي يقدّمها هؤلاء مثيرةً للفضول.

السفير

Read 1767 times
المحرر

Donec justo metus, congue a dignissim ut, faucibus in lorem. Ut sollicitudin felis quis erat sodales tempor. Vivamus mauris lorem, condimentum a cursus nec, pretium non mi. Vestibulum ullamcorper lacus id tellus.

Website: www.zootemplate.com

الروزنامة

« March 2024 »
Mon Tue Wed Thu Fri Sat Sun
        1 2 3
4 5 6 7 8 9 10
11 12 13 14 15 16 17
18 19 20 21 22 23 24
25 26 27 28 29 30 31
el youssef
Homeرياضةمعلّقو كرة القدم وكأس أوروبا: "أولالاه" و"يا ربّاه" Top of Page
Zo2 Framework Settings

Select one of sample color schemes

Google Font

Menu Font
Body Font
Heading Font

Body

Background Color
Text Color
Link Color
Background Image

Top Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Header Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Mainmenu Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Slider Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Scroller Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Mainframe Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Scroller Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Scroller Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Menu Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image
Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image