حملت الصرخة التي أطلقها المطران إلياس عودة في عظة الأحد أمس، فيما يتعلق بإهدار حق الطائفة الأرثوذكسية في الوظائف العامة، وفي التشكيلات الأخيرة المقترحة في قوى الأمن الداخلي والتي جاءت على حساب إقصاء الأرثوذكس، أبعادا كثيرة تتجاوز مؤسسة معينة الى واقع بات يعيشه الأرثوذكس في لبنان لجهة تهميشهم سياسيا وإداريا.
يلتقي اليوم في «خيمة» نواكشوط، عاصمة موريتانيا، على الحد الفاصل بين «العرب» و «الأفارقة»، عند المحيط الأطلسي، قلة من القادة العرب ومعهم العديد من الوزراء كممثلين للمتغيبين الكثر عن القمة العربية السابعة والعشرين.
ما علاقة بلدة القاع اللبنانية بأورلاندو الأميركية، بالضاحية الجنوبية لبيروت، بـ«شارلي أيبدو» الفرنسية، بمطار أتاتورك في اسطنبول، بمطار بروكسيل عاصمة الاتحاد الأوروبي، ببغداد وسامراء و... في العراق، بمذبحة مسرح «باتاكلان» في باريس، ببلدات ومدن سورية استشهدت مراراً، بتدمر تحديداً، ببوابات اللجوء والحدود في الأردن، بشوارع القاهرة وضفاف سيناء، بمدينة زليطن في ليبيا، بمايادوغري في نيجيريا «البوكوحرام»، بمسجد المحاسن في السعودية، بمتحف «باردو» في تونس، بعاصمة أندونيسيا جاكرتا وحيّ السفراء فيها، باختطاف مواطن أوسترالي وذبحه؟...
ليس غريباً أن يتهافت مسؤولون لبنانيون على تطبيق الإملاءات الأميركية على المصارف اللبنانية. كثير منهم كان هو نفسه حتى الأمس القريب يهرع لتطبيق الإملاءات السورية المصرفية والسياسة والأمنية. منذ الجلاء الفرنسي عن لبنان يستسيغ السياسيون عندنا التبعية للخارج. لا يختلفون إلا حول هوية من يتبعون. اللائحة تطول: الغرب، ايران، السعودية. منهم من ذهب حتى إسرائيل، وبعضهم لا يزال يرى سوريا هي الفيصل بالرغم من مآسيها ودمارها.
انتهت المعارك الانتخابية البلدية بفوز «مبدأ النسبية». أقطاب السلطة المتحكمة قرأوا النتائج. خافوا. الآتي قد يكون مؤلماً. لا بُدَّ من «منحة». المزاج الشعبي فك أسره المذهبي نسبياً. تجرأ على «الثوابت». الطاعة خُرقَت بغضب غير محسوب. لم يعد القناع التنكري مقنعاً. سقط المهرجون مع أبراجهم المالية. اكتشف المزاج الطائفي أنه تعرَّض لعملية نصب سياسية: المختلفون متفقون، تحالف الأضداد دلالة على صفقة. «أوراق التفاهم»، «نصوص النيات»، «ترشيح المرشح»، أفضى إلى وضوح الفضيحة: هؤلاء المختلفون، المتناقضون، الأضداد، ليسوا مختلفين في شيء وعلى أي شيء، باستثناء الحصة. الخلاف الوحيد والجدي والواضح والصريح، هو خلاف «تيار المستقبل» مع «حزب الله». ما عدا ذلك مصطنع ومتبدِّل. معظم أعداء الأمس، هم حلفاء اليوم. ترى، على ماذا كانوا مختلفين؟
البحث عن حلب غير مجدٍ. ليس وقته الآن. ليلها قانٍ وطويل. بعضها لم يعد معروفاً. كثيرها صار على قارعة المجهول. أُخرِجَت من تاريخها البهي، الساحر والزاخر. انتزعت من شعبها الذي نسج لها وجهاً عريقاً وجسداً بقامة حضارة. ها هي متروكة ووحيدة، يتناوب عليها الدمار، يبدِّل من هويتها، يمسخ تفاصيلها ويلغي حكاياتها ويمنع الرؤية. حاراتها في حيرة من حجارة تتناثر وتجثو على فنائها. ناسها الذين راحوا، قد راحوا كأنهم ارتحلوا، ناسها الباقون يشبهون صمتاً يسود بعد دوي القتل وعويل الخائفين. تلك التي كانت روح التاريخ، باتت بلا روح. ما أفدح عذاباتها! ما أعظم خسائرها!