• Facebook
  • Twitter
السبت, 09 نيسان/أبريل 2016 03:38

سماحة إلى زنزانته مجدداً: لستُ وحيداً.. الدولة والقضاء معي!

Written by 
Rate this item
(0 votes)

تحت عنوان السجن بـ13 عاماً، وضعت محكمة التمييز العسكريّة نقطة على آخر صفحة من قضيّة ميشال سماحة.

لا كلام بعد ذلك، رفع رئيس محكمة التمييز العسكريّة القاضي طاني لطّوف الجلسة. طلب الرّجل الغاضب «ولّاعة». مدّ يده إلى جيبه ليخرج علبة السجائر، وبدأ يودّع الحريّة ويرسم صورة لـ6 سنوات و3 أشهر فعلية مستقبليّة داخل زنزانة. لم يحتج لسيّارة الإسعاف التي كانت تنتظره ولا للطبيب الذي حضر الجلسة.
بدا سماحة بائساً. مجرم كان يخطّط لتنفيذ عمليّات إرهابيّة، وتمّ اكتشاف أمره من دون عناء يذكر: اسم معروف لا يحتاج لمن يقتفي أثره، وتسجيلات جاهزة، ومخبرٌ كاد أن يجلس على حضنه ويلتقط «سيلفي»، من دون أن ينتبه «معاليه» للأمر!
انتهت قصّة سماحة. خطف سعد الحريري رجله إلى ضريح الشهيد وسام الحسن ليقرأ الفاتحة بسلام، ولاقاه الوزير نهاد المشنوق بقبلة على الرأس. سُمع صوت وزير مستقيل ينادي الشّعب ليحيّوا على العدل. وكَتَب آخر عن ماهيّة العدالة التي كان ينفّذها بيده منذ سنوات قريبة.
الجميع يريد أن يتناتش أحقيّة النّطق بالحكم، ويسجّله في دفتره الذهبيّ. لا جديد في ذهنيّة تقاسم الغنيمة، الجديد هو في الموقف من المحكمة العسكريّة، التي خلعت عنها الثوب الأحمر ورمته على كتفَي سماحة. هذا ليس تحليل المعنيين، بل إنّه وصف دقيق للمواقف: ينام الشعب على حكمٍ مخفّف بحقّ مجرم فيقيم البعض الدنيا ولا يقعدها لكي تقفل أبواب «العسكريّة» وتختم قصور العدل بالشمع الأحمر، ثمّ ما يلبث الشعب نفسه أن يستفيق على حكم يصل إلى 13 عاماً سجنية فيعود هذا البعض إلى إرسال التحيّات لـ «العسكريّة» والتهليل للسلطة الثالثة.
ربّما لم تكن العدالة تحتاج إلى وزير «حردان» ولا إلى اعتصاماتٍ ملغيّة في اللحظات الأخيرة ولا إلى مواقف تصعيديّة أو كلام يشي بصفقة، لكي تأخذ مجراها.
كان يمكنها أن تنساب هكذا، بكلّ بساطة، لأنّها عدالة الدولة والشعب بحقّ مجرم. كان يمكن لها أن تكون نهاية حتميّة لمجتمعٍ أفضل ولمواد قانونيّة كالتي تُدرّس في الجامعات وتطبّق في المحاكم الدوليّة، من دون أن يستبدل السياسيّون عبارة «يحيا العدل» المعلّقة خلف كلّ قاضٍ، بصورهم الشخصيّة.
بين 4 سنوات ونصف السّنة، و13 عاماً على التّهمة نفسها، يعني ذلك أن هناك أشياء مخفيّة. سماحة لم يغيّر أقواله، ولا وكلاء الدّفاع عنه تحوّلوا في مرافعاتهم إلى نيابة عامّة، تماماً كما لم تنبت صفحات جديدة للإفادة الأوليّة.
ماذا حصل؟
الرائحة السياسيّة في كلّ مكان. من البداية حتى النّهاية. في الأروقة، هناك من يعرف كيف حُرِّر «الحكم الشعبيّ». وفي الشّارع، صار هناك من يجاهر بالصّورة المهمّشة لآخر مؤسّسات دولة القانون.
يبحث هؤلاء عن المعايير الموحّدة للقوانين المرعيّة الإجراء وماهيّة السّلطة الاستنسابيّة ومقولة «المواطنون سواسية أمام القانون». فهذه المقولة تعني أن يدخل سماحة وجمال دفتردار وجمانة حميّد وعمر بكري فستق وغيرهم.. معاً إلى الزنزانة، ثمّ يخرجوا معاً إلى الحريّة، أو حتى يموتوا في محكوميةٍ مؤبّدة.
هذا أيضاً ما يطالب به الحقوقيون: عدالة لا تتجزأ. بالنّسبة لهم إنّ الحكم على سماحة كان «قانونياً بامتياز ولكنّه غير عادل، لا في الحكم الأول ولا الثاني». يروون الكثير من القضايا عن مجرمين قتلوا أبرياء ثمّ حوكموا بالأشغال الشاقّة لمدّة 15 عاماً أو أقلّ.
إذاً، كان يمكن لسماحة أن يعلّق الدّماء في رقبته، وينال سنتين إضافيتين! الفرق بينهما كان يفترض أن يكون شاسعاً، إنّه الفرق بين محاولة القتل والقتل القصدي، إلّا أنّه لم يكن كذلك، بل حوكم سماحة كما لو أنّه قتل فعلاً وتمّ الحكم على آخرين كما لو أنّهم حاولوا!
ومع ذلك لقي الرّجل مصير حامل المتفجّرات والباحث عن إفطارات الذي يومئ بيده موافقاً على قتل الأبرياء، تماماً كما يتناول حبّة من الصّبير.
لا يهتمّ بعض القانونيين لهذا المصير البائس. جلّ ما يهمّهم هو صورة القضاء، وأن يبقى البعض متمسّكا بالقشّة الأخيرة، فهم اعترضوا على حكم الهيئة الدائمة وعلى حكم التمييز معاً.
في الخلاصة: اعترضوا على ما يقال إنّ السياسة استوطنت المجلّدات القانونيّة، وعلى ما صار يحكى بأن انتخاب رئيس للجمهوريّة بات يمرّ من قاعات المحاكم!
مراجعة لـ «القضيّة السياسيّة»
يراجع هؤلاء تفاصيل القضيّة مذ وُضِع القيد في يدي الوزير السّابق. حينها، تمّ إسقاط موادّ قانونيّة كان يمكن أن يحاكم عليها. كان الادّعاء منذ البداية يتلمّس طريقه نحو الـ4 سنوات ونصف السّنة.
صحيح أن مجرماً كان يخطّط لقتل الأبرياء وينقل بدمٍ بارد المتفجّرات بصندوق سيارته، كان يمكن له أن يخرج إلى الحريّة بعد أقلّ من 3 سنوات، إلا أن القضيّة لم تنتهِ هنا. وذلك ليس لأنّ العدالة تأخذ مجراها الطبيعي، بل لأنّ حظّ «تيّار المستقبل» كان جيّداً: وزارة العدل معه.
ومهما يكن من أمر، أمَر وزيرٌ النيابة العامّة التمييزيّة بأن تميّز القرار، فكان له ما أراد ـ ولو أنّه لا يملك سلطةً عليها ـ لم يبقَ قانوني واحد يعرف «ألف باء» القانون إلّا أكّد أنّ التمييز لا يكون إلا في حال البراءة. ولكن قُضي الأمر، تمّت تجزئة القرار ليكون التمييز لجهة نيل سماحة البراءة في جرم محاولة القتل (549 معطوفة على 200 عقوبات). ثم ما لبثت المحكمة أن قرّرت إعادة محاكمة سماحة في كلّ المواد الجرميّة المتّهم بها.
استمعت المحكمة لمرافعة وكلاء الدّفاع، من دون أن تردّ على طلباتهم مباشرةً، واعتبرت غالبيّتها كما لو أنّها لم تكن. ونال ميلاد كفوري من جديد غطاء المخبر السري ـ ولو أنّ المادة القانونيّة للمخبرين لا تنطبق عليه ـ فكان أقوى من كلّ شيء: يجلس الرّجل في بيته، يتلقّى الأموال من جيب الدّولة، يحظى بكمّ من المرافقين والأمنيين، ثمّ ترفض المحكمة أن تستمع لشهادته، حتى ولو سرًّا.
كلّ ذلك حصل، ثم نطق القاضي لطوف بحكمه «باسم الشعب اللبنانيّ». نعم، باسم الشّعب اللبنانيّ الذي لو خيّر، لكان اختار الحفاظ على القانون.
ما هو القانون؟ يؤكّد أهله أنّ القانون فضفاض، كلّ شيء مرتبط باستنسابيّة القاضي وتقديره. هذا ما ظهر فجاً بين الـ4 سنوات ونصف السنة والـ13 سنة.. والتي كان يمكن أن تتحوّل إلى البراءة إذا ما اقتنع القاضي بأي فكرة أثارها الدّفاع، بما فيها فكرة الاستدراج!
«حكم مبكّل»
يختلف القانونيّون في التقدير تماماً كرئيسي الهيئة العسكريّة الدائمة (العميد الرّكن خليل ابراهيم) وتلك التمييزيّة (لطّوف)، ومع ذلك يجتمعون على نقطة واحدة: استخدم لطّوف سلطته الاستنسابيّة كي تكون عقوبة سماحة هي الأقصى، مشيرين في الوقت عينه إلى أنّ «الحكم مبكّل ومعلّل»، كما تقول الوزيرة أليس شبطيني.
لا شائبة في القرار، برغم أنّهم يشيرون إلى أنّ المادة 549 المعطوفة على 200 (محاولة القتل) هي القابلة للجدل بأنّها قد تكون خطأ في توصيف الجريمة، ويؤكّدون أنّ القانون في قضيّة سماحة واضح في مسألة الجريمة التي لم تكتمل ولم تنتقل إلى مرحلة «بدء التنفيذ» بل بقيت في إطار المراحل التمهيديّة، ولو أنّ لطوف اعتبر أنّ «عدم تنفيذها مرتبط بأسباب خارجة عن إرادة المتّهم».
يردّ هؤلاء على الحكم بمثلٍ يدرّس في كليّات الحقوق عن امرأة اشترت السمّ ووضعته في كوب ثمّ قدّمته لزوجها بعدما قرّرت قتله إلا أنّ الرّجل لم يشرب الكوب. ينطلق القانونيّون من هذا المثل ليشدّدوا على أنّ الركنين المادي (السمّ) والمعنوي (النيّة الجرميّة) موجودان في هذه الحالة وتنطبق عليها الأسباب الخارجة عن إرادة المتّهم التي لا تنطبق بدورها على سماحة الذي لم يكمل مشروعه الجرميّ رغم وجود الركنين المادي والمعنوي، إلا أنّه لم يشرع في القتل.
ويظنّ هؤلاء أنّ هذا الأمر كان ليعطي سماحة أسباباً تخفيفيّة قانونيّة على اعتبار أنّه كان يمكن للرّجل أن يعدل عن قراره في اللحظات الأخيرة، ليحكم عليه القاضي بأقلّ من 3 سنوات (أي 10 سنوات)، متسائلين «إذا كانت محكمة التمييز قد حكمت على سماحة بأنه المحرّض والمخطّط والمنفّذ، فما هو دور علي مملوك والعقيد عدنان اللذين اعترف عليهما سماحة؟».
ويؤكّد القانونيون، بمن فيهم قاضٍ متقاعد تولّى إحدى محاكم التمييز لسنوات، أنّ محكمة التمييز «مارست أكثر من صلاحيّاتها، وتأثرت بالأجواء السياسيّة»، لافتين الانتباه إلى أنّ هذا الحكم نادرٌ بل إنّه، على الأغلب، سيكون يتيماً. إذاً، حظي سماحة بحكمٍ استثنائي خرق ما يسمّى «الروتين في الاجتهاد»، على اعتبار أنّ جميع زملائه الذين اتهموا بالمواد الجرميّة نفسها تراوح حكمهم بين الـ4 و10 سنوات، وفق ما يقول القانونيّون.
وهكذا عاد سماحة إلى السّجن لينفّذ حكماً مبرماً بـ13 عاماً بعدما دغمت «التمييز» أحكامه الأربعة بالحكم الأعلى: الأشغال الشاقّة لمدة 10 سنوات لجهة المادة 335 (تأليف جمعيّة أشرار لارتكاب الجنايات على النّاس والأموال والنيل من سلطة الدولة)، وبالأشغال الشاقة المؤبّدة لجهة المادة 5 من قانون الإرهاب 11/1/1958 (القيام بأعمال إرهابيّة والحضّ على التقتيل في عكّار ونقل متفجّرات..) وإنزالها سنداً إلى المادة 201 (محاولة) إلى الأشغال الشاقة لمدّة 7 سنوات، وإنزال عقوبة الإعدام لجهة المادة 549/200 (القتل القصدي) وإنزالها للمحاولة إلى الأشغال الشاقّة المؤقّتة لمدّة 13 عاماً وتجريده من حقوقه المدنيّة، وإدانته بمقتضى المادة 24/87 أسلحة لمدّة ثلاثة أشهر.
.. دخل سماحة زنزنانته وحيداً، فيما شرّعت الأبواب أمام القضاء.

السفير

Read 2564 times Last modified on السبت, 09 نيسان/أبريل 2016 03:43
المحرر

Donec justo metus, congue a dignissim ut, faucibus in lorem. Ut sollicitudin felis quis erat sodales tempor. Vivamus mauris lorem, condimentum a cursus nec, pretium non mi. Vestibulum ullamcorper lacus id tellus.

Website: www.zootemplate.com

الروزنامة

« May 2024 »
Mon Tue Wed Thu Fri Sat Sun
    1 2 3 4 5
6 7 8 9 10 11 12
13 14 15 16 17 18 19
20 21 22 23 24 25 26
27 28 29 30 31    
el youssef
Homeسياسةسماحة إلى زنزانته مجدداً: لستُ وحيداً.. الدولة والقضاء معي! Top of Page
Zo2 Framework Settings

Select one of sample color schemes

Google Font

Menu Font
Body Font
Heading Font

Body

Background Color
Text Color
Link Color
Background Image

Top Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Header Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Mainmenu Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Slider Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Scroller Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Mainframe Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Scroller Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Scroller Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Menu Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image

Bottom Wrapper

Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image
Background Color
Modules Title
Text Color
Link Color
Background Image